فى الوقت الذى امتلأت فيه الفضائيات والصحف والمواقع الإلكترونية وشركات الدعاية بإعلانات مستشفيات الخمس نجوم المدفوع فيها مئات الملايين من الجنيهات خلال شهر رمضان ومعظمها للأسف من أموال التبرعات، يعانى قسم جراحة المخ والأعصاب بجامعة عين شمس من نقص التبرعات لكون المسئولين عنه يعملون فى صمت ودون صخب فى علاج الغلابة.
وكل الأطقم الطبية تعمل فى هذا القسم شأنها شأن المستشفيات الجامعية والعامة بالمجان، ولا تحصل إلا على رواتبها التى تندرج تحت الباب الأول من موازنة الدولة، ولم يتحصل أحد على أى بدلات من التبرعات، على خلاف الجهات التى تتحول التبرعات فيها إلى أجور وبدلات والقليل منها للعلاج.
ويزخر القسم بعشرات من العلماء فى مجال جراحات المخ والأعصاب التى تتعلق بأورام المخ والحبل الشوكى والشلل الرعاش والعمود الفقرى وغيرها من الأمراض، بجانب أطقم طبية من نواب متخصصين وهم الصف الثانى والثالث من الأطباء، بجانب العناصر الفنية من تمريض مدرب وكلها خبرات يندر وجودها فى أماكن أخرى.
الجميع يعمل فى منظومة علاج الفقراء الذين لا يملكون الدخول إلى أروقة المستشفيات الخاصة التى يكون الموت أهون من تحمل نفقاتها.
قسم المخ والأعصاب بجامعة عين شمس يحتاج إلى عملية تجديد وتحديث للأجهزة المتقدمة بعدما تضاعفت أعداد الحالات التى يمكن علاجها.. وعلينا أن نتخيل أن تكلفة علاج مريض فقط من تلك الأمراض الخطيرة والتى قد تصل إلى بضعة ملايين من الجنيهات داخل مستشفى خاص ربما توازى ثمن جهاز من الأجهزة التى يحتاج إليها القسم.
أذكر هنا أن شابًا من أسوان كان قد أصيب بنزيف فى المخ واحتاج إلى إجراء جراحة عاجلة تتكلف 120 ألف جنيه، اتصلت يومها بالدكتور أشرف الأبيض رئيس قسم جراحة المخ والأعصاب بجامعة عين شمس ليطلب منى تحويل الشاب إلى طوارئ القسم بمستشفى جامعة عين شمس، كان ذلك قبل سنوات من توليه رئاس القسم، لتجرى الجراحة على يد متخصصين ويتم إنقاذ الشاب من الموت أو العجز مدى الحياة.
تذكرت هذا الموقف وأنا أتابع بيانا باحتياجات القسم من أجهزة تتعلق بجراحات جميع أمراض المخ والأعصاب ويصل عددها إلى 8 أجهزة تضم جهاز الموجات فوق الصوتى لجراحات المخ والذى يستخدم فى تحديد أماكن أورام المخ ومدى استئصالها أثناء الجراحة وجهاز مراقبة الفسيولوجيا العصبية أثناء عمليات جراحات المخ والأعصاب والعمود الفقرى ومراقبة الأعصاب أثناء الجراحة.
بجانب أن هذا الجهاز يقلل نسبة حدوث المضاعفات الحركية بعد الجراحة ويستخدم فى جراحات أورام المخ على مراكز الحركة والنطق وجذع المخ وجراحات أورام الحبل الشوكى وكسور واعوجاج العمود الفقرى والجراحات الوظيفية كجراحات الصرع والقطع الانتقائى لجذور الأعصاب فى حالات التيبس العصبى، وغيرها من أجهزة.
أيضًا مبنى إقامة النواب والأطقم الفنية يحتاج إلى إعادة تأهيل، وهم كتيبة من الأطباء وعناصر التمريض والعناصر الفنية التى تتابع على مدار الساعة حالات الرعايات المركزة والجراحات والطوارئ ومن خلال ورديات عمل تصل إلى 12 ساعة فى الوردية الواحدة وقد يتطلب الأمر مع زيادة حالات الطوارئ أن يتم مواصلة الليل بالنهار ومضاعفة ساعات العمل.
أتحدث إلى كل إنسان يعلم أن طوارئ المستشفيات الجامعية وأقسامها ومنها قسم جراحة المخ والأعصاب بجامعة عين شمس هى المكان الذى لن يطلب ممن يلجأ إليه أن يضع يده فى جيبه ثمنًا لإنقاذ حياته.
علينا أن نراجع أنفسنا وأن يتكاتف المجتمع لدعم هذا القسم لمواجهة متطلبات الجراحات الخطيرة التى تصيب مخ الإنسان وجهازه العصبى.
أسامة داود يكتب بالمستندات : رئيس التأمين الصحي فى خصومة مع الإنسانية